-
/ عربي / USD
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله الطاهرين.
إنّ النهضة الحسينيّة واقعة فريدة في التاريخ، ومدرسة خالدة على مرّ الأزمان. إنّها مشكاةٌ مقدَّسةٌ أنارت حقيقة الإسلام، فأخرجته إلى نور الله، بعد أن أعادوه إلى ظلمات الجاهليّة.
لقد كانت تلك النهضة المقدّسة انعطافة كبيرة في تاريخ الإسلام، أعادته إلى أصالته المحمّديّة، وحفظته من الانحراف والضياع.
هي نهضة فريدة بقائدها الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، الذي يشكِّل في نظر الأمّة الإسلاميّة «أعظم الخلف ممّن مضى»[1]، والبقيّة الباقية من أهل بيت النبوَّة، وبقيّة آية التطهير وآية المودّة وآية المباهلة، حتّى عند أعدائه من بني أميّة[2]، وكان الصحابة والتابعون
يطلقون عليه لقب «سيّد أهل الحجاز»[1]، و«سيّد العرب»[2]، والسيّد الكبير الذي ليس على وجه الأرض يومئذٍ سيّد يساميه ولا يساويه[3].
وهي فريدة بأهل بيته وأصحابه الخُلَّص، الذين نصروه ولم يتركوه، على الرغم من صعوبة الموقف، وقلّة عددهم وكثرة عدوّهم، وبذلوا دونه أرواحهم، حتّى قال فيهم: «فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي؛ فجزاكم الله عنِّي خيراً!»[4].
وفريدة -أيضاً- بالعدوّ، الذي اتّصف بوحشيّة وجرأة على أعظم محارم الله، وحشيّة تكاد لا يكون لها مثيل.
يتناول الشهيد مطهّري، وهو الفقيه والأستاذ والمفكّر والفيلسوف، الأبعاد العظمى للنهضة الحسينيّة بالبحث والدراسة في كتابه «الملحمة الحسينيّة»، كاشفاً عن مضامينها السامية ومعانيها الخالدة، مسلِّطاً الضوء على دافعها وأهدافها، كاشفاً زيف ما لحِق بها من تشويه ليحفظ جوهرها وأصالتها.
وكتاب «الملحمة الحسينيَّة»، للشَّيخ الشّهيد مرتضى مطهّري، يتكوَّن من ثلاثة أجزاء، ويضمّ أهمّ الأفكار والتحليلات الّتي صاغها الأستاذ مطهّري حول النهضة الحسينيّة، وهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات الّتي ألقاها في مناسبات عديدة، وقد تمّت طباعة الكتاب في إيران 14 مرّة، من قِبل مؤسَّسة «انتشارات»، والدَّار الإسلاميَّة في بيروت.
في الجزء الأوّل من الكتاب، يتحدّث مطهّري عن التحريف في سرد واقعة كربلاء، محذِّراً من جملة الانحرافات الّتي أُدخلت عليها؛ لما لذلك من أثر سلبيّ في الأمّة، لجهة الارتباط الأصيل بهذه القضيّة ومعانيها.
ويدعو الشهيد مطهّري إلى تصحيح النظرة في التعاطي مع المجالس الحسينيّة، وجعلها مناسبة لبناء الذات والوعي، وتأصيل الشخصيَّة، عبر استلهام ما تحمل من عِبر ومواعظ تخاطب العقل والشعور.
وفي الجزء الثّاني من الكتاب عرضٌ لقضيّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في النّهضة الحسينيّة، والشعارات الأساسيّة الّتي قامت من أجلها، وأهميّتها في تحريك الواقع واستنفاره.
أمّا في الجزء الثالث، فيتناول السيرة الحسينيّة من الناحية التاريخيّة، ويعتبر أنَّها من أهمّ الحوادث الموثَّقة سنداً، على الرغم من مرور 14 قرناً عليها، ويستغرب بالتالي عدم تعامل بعضهم معها
بالشّكل العلميّ والموضوعيّ، على الرغم من وثاقة نقلها.
ونحن في مركز المعارف للتأليف والتحقيق، اخترنا مطالب هذا الكتاب من هذه الأجزاء الثلاثة القيِّمة، تحت عنوان «النهضة الحسينيّة».
كتاب غنيّ بمباحثه، وجريء بطروحاته، خصوصاً أنّه صادر عن مفكّر وباحث إسلاميّ مميّز. وقد حاول سلوك طريق النقد البنّاء في تصويب الكثير من المغالطات والتحريفات التي أصابت السيرة الحسينيّة المباركة، وتبيين روح النهضة وحقيقتها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد