-
/ عربي / USD
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله الطاهرين...
ليس المهديُّ تجسيداً لعقيدة إسلاميّة ذات طابع دينيّ فحسب، بل هو عنوان لطموح اتّجهت إليه البشريّة، بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطريّ، أدرك الناس من خلاله، على الرغم من تنوّع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب، أنّ للإنسانيّة يوماً موعوداً على الأرض، تتحقّق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير، وهدفها النهائيّ، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مرِّ التاريخ استقرارها وطمأنينتها، وبعد عناءٍ طويل.
إنّ أصل المهدويّة، هو محلّ اتّفاق المسلمين جميعاً. وفي عقائد الأديان الأخرى، يوجد أيضًا انتظار للمُنْجي في نهاية الزمان. فقد فهموا هذا المطلب بنحوٍ صحيح في بُعدٍ من أبعاد القضيّة. ولكن في البُعد الأساس، المتعلِّق بتحديد الشخص المُنْجي ومعرفته، ابتُلوا بنقص المعرفة. أمّا الشيعة فيعرفون المُنجي
بالاسم والعلامة والخصائص وتاريخ الولادة، من خلال الأخبار المسلّمة والقطعيّة.
ومن الذين تناولوا هذه القضيّة بالبحث والتحليل، المفكّر الإسلاميّ الكبير السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر {، ووليّ أمر المسلمين الإمام السيّد عليّ الخامنئيّ (دام ظله).
فقد كتب السيّد الشهيد (رحمه الله) بحثاّ مختصراً حول الموضوع، سمّاه «بحث حول المهديّ»، كتبه ليكون مقدّمة لكتاب «موسوعة الإمام المهديّ»، لتلميذه الشهيد السيّد محمّد صادق الصدر، وهي عبارة عن أبحاث موسَّعة حول الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه). لذلك، كان بحثاً عقليّاً تنظيريّاً لعقيدة المهديّ، ولم يورد فيه السيّد الشهيد الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)حول الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه).
فقد تناول السيّد الشهيد قضيّة الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه) من منشأ التساؤلات المعاصرة للناس، وخصوصاً المشكِّكين منهم، وتصدّى للإجابة عن أسئلتهم واستنكاراتهم بمنهج عقليّ ولغة علميّة موضوعيّة رصينة. وقد بحث فيه عمرَ الإمام الطويل، وإعداده كقائد منتظر، والإيمان بوجوده، بين الخرافة المبتدعة والحقيقة المؤرّخة، وتغييره للعالم في اليوم الموعود، باختصار وعمق يتناسبان مع هدف الكتاب كمقدّمة علميّة، ومع الشريحة المستهدفة، وهي عموم الناس والقرّاء، بمستوياتهم العلميّة والذهنيّة المتفاوتة.
أمّا الإمام الخامنئيّ (دام ظله)، فقد بحث الموضوع في خاتمة كتابه «إنسان بعمر 250 سنة»، والكتاب عبارة عن مجموعة من الدراسات والمحاضرات في سيرة الأئمّة (عليهم السلام) التي دوّنها الإمام الخامنئيّ وألقاها على مختلف شرائح المجتمع، من طلّاب الحوزات والجامعات وأفراد مؤسّسات الدولة المختلفة وعموم الناس.
وكتابه لم يكن تاريخيّاً سرديّاً صرفاً، بل كان بحثاّ تحليليّاً للتاريخ، طرح فيه رؤية كلّيّة كاملة لحياة الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)كوحدة متكاملة مترابطة، بحيث غدت سيرتهم الجهاديّة والتأسيسيّة حركة واحدة منسجمة ومترابطة تسير نحو غرض مشخَّص ومقصد واحد.
وقد خصّص الفصل الأخير من الكتاب للحديث عن الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه)، باعتباره الزبدة لهذه الرؤية المتكاملة والمتّصلة بحياة الأئمّة (عليهم السلام)، والمحقِّق للمجتمع الإنسانيّ الكامل الذي تسوده العدالة الإلهيّة، فقد بيّن فيه الإمام الغاية لحركة إنسان بعمر 250 سنة، وخصائص المجتمع المهدويّ، ومسؤوليّتنا كجنود ومنتظرين في عصر غيبته(عجل الله تعالى فرجه).
وقد جمعنا في هذا الكتاب بين هذين البحثين المهمّين؛ لتعمّ الفائدةُ طلّابَنا الأعزّاء في مرحلة الدراسة الثانويّة، وليكونوا على
بيّنة ووضوح في قضيّة المهديّ الموعود(عجل الله تعالى فرجه) على مستوى الاعتقاد والإيمان به، والإجابة عن التشكيكات التي وُجِّهت لوجوده، وكذلك الاطّلاع على فلسفة حركته وخصائص مجتمعه، ومعرفة دور كلّ واحد منّا في التمهيد لظهوره والسير معه في حركة تحقيق المجتمع الإنسانيّ الكامل.
«اللهمّ، إنّا نرغب إليك في دولة كريمة، تُعزّ بها الإسلام وأهله، وتُذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة»[1].
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد