لا أرى أن يَسْتَخّف أحد بالنوادر والفكاهات والأمثال والحكايا والتعليقات الساخرة للبسطاء العامينّ، فهي حين تولد في الساحات والشوارع والمقاهي والديوانيّات، تأتي عفويّة فطرية طازجة حارّة، تنبض بالصدق، والواقعيّة وأمانة التصوير، فتمهّد بعمق وقوة لبناء رأي عام ووجدان جماعة، لتأخذ شكل برلمانات العامة، تجسّد مواقفهم وتحمل آراءهم بالحكم والحكّام والأنظمة وصور بناء الدولة والمجتمع.
كما أنها سلاحهم الحاسم في وجه الإنحراف والإستبداد والتجنّي، وتبدع مقاومتهم الفاعلة في وجه الظالمين وكلّ عدوانية الغرباء، وهي تتغاوى، فنوناً وآداباً وسخريات مرّة في الأغنية والشعر الشعبّي، والنكتة والجواب المفحم، والموقف القاطع الحاسم والمثل السائر.
وعلى الدارسين الإهتمام بجمعها، وتوثيقها وتصنيفها، وإعطاؤها ما تستحق من الإجلال والإحترام، لأنها في جوهر الأمر شكّل هوّية جمعية، وأصالة وطنية، وثقافة حقيقية للجموع.
ثم إنها حضارة شفهيّة لا يجب أن تموت، وهذا الكتاب هو ترجمة حقيقية، ميدانية، لهذا المفهوم.
حسن موسى
Share message here, إقرأ المزيد
الفكاهة الشعبية - الساخر الضاحك أبو خليل، دراسة ميدانية لفكاهة البسطاء