تُخصَّص هذه الحلقة من "سلسلة موسوعات فقه السلف" للتعريف بفقيه الشام وإمامها، الإمام عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت. 157 هـ)، وهو أحد الأعلام الذين عاصروا تحولات كبرى منذ بدايات الخلافة الأموية حتى العصر العباسي، حيث ولد في عهد الوليد بن عبد الملك وتوفي في خلافة الرشيد. اشتهر الأوزاعي بـزهده البالغ وتفانيه في العبادة، حتى وُصف وكأنه "أعمى من الخشوع"، وكان يُعد ميزاناً لأهل السنة والجماعة. بالإضافة لتبحُّره في الفقه والحديث والورع، كان كاتباً ومُرسِلاً بارعاً. وقد مكّنته شخصيته الاجتهادية المستقلة من تأسيس مذهب فقهي خاص، مال فيه إلى منهج أهل الحديث، رغم تحذيره من "نوادر العلماء". وقد انتشر هذا المذهب بواسطة "الأوزاعية" في الشام، الأندلس، والمغرب. وظل مذهب الأوزاعي هو السائد رسمياً في بلاد الشام لأكثر من قرنين من الزمان، حيث كان شرطاً لتولي القضاء والخطابة، قبل أن يبدأ بالانحسار تدريجياً، خاصة بعد أن تولى أبو زرعة الدمشقي القضاء وشجع على اعتناق المذهب الشافعي بدلاً منه، مما أدى في النهاية إلى اقتفاء أثره كآخر قاضٍ عمل به في دمشق عام 347هـ.
Share message here, إقرأ المزيد
موسوعة فقه عبد الرحمن الأوزاعي



















