تتسلّل نصوص هذا الكتاب بقوّة وخفية إلى فجوات التشكّلات الجنسية الهيكلية ودهاليز الفوضوية الهوياتية، تقارب هيرمينوطيقي يأتي من نواح متباعدة، تفكيكاً لما أغلفته الثقافة في هندستها الجندرية بشكل واعٍ أو تحت قمع الهيمنة الأبويّة، بعيداً عن الثوابت الثقافية لمفهوم الجنسين (الذكر، الأنثى)، تغور هذه النصوص - بقلق - مبتعدة عن المستهلك الجنسي أو صوره الرّمزية المشتركة (الهياكل الاجتماعية النمطية)، مجتهدة ألا تجعلها في مصافّ الطابو أو الفحش كما يقذفها البعض ليتحاشى التفاصيل الكثيرة لمفهوم الهوية الجنسية أو ليذيبها خدمة للبواعث الذكورية النّشطة.
تصغي نصوص هذا الكتاب إلى الدّوران الهائج لفكرة قطع الرؤوس، لبتر القضيب، للجشع المزدوج للمهبلي، إنصات لقداسة الرّحم الحاوية، واللّسان المقطوع، وإستراق السّمع لهوس اللّغة الشبقية ودبيب النمل وتحسّس تنمل الأعضاء، كتابة مختلفة لفقدان الرّمزي التوحّش والإرتماء في أحضان أمّ تضاعف هوس الكهف وترسم الفردوس الجنساني لتركيباتنا المعقّدة.
يمنح هذا الكتاب جولةً في دوائر النظرية النسوية مفجراً دلالات مفتحةٌ شفاهُها من فوق وتحت لتخبرنا عن تكاثر / وتكوثر التقلب المسنّن للطبيعة الأنثوية التي تفكك الصورة الهيكلية والنمطية التي منحها الرجل / الذكر للمرأة.
يصطدم هذا الكتاب بحدود تلك السياجات الثقافية ملقياً نظرة على الكبت الغامض لحياة النساء السّرية التي تشير - من خلال دماء حيضهن وصولاً لحبر ريشتهن - إلى الرّغبات الدّفينة لإجتثاث الرّمزي الأبوي والدّال القضيبي، انتقام من اللّغة واغتصاب للرّمز وتفكيك للمركز وقطع الرأس، مختطفةً الكلّ داخل بركة تزدحم فيها الهوامات وفيض التفكيكات.