بداية لا بدّ من الإشارة إلى أن شهادتي هذه، حول واقع المعارضة السورية وأحوال الثورة السورية، تمزج ما بين الذاتي والموضوعي، فهي تحاول مقاربة حقيقة ما رأيته وعايشته خلال سنوات قضيتها بين شخصيات في النظام والمعارضة، وكيانات تمثل الثورة السوريّة في الخارج، ووفقاً لتجربتي الذاتية كإعلامية أولاً، وكشخصية دخلت غمار العمل السياسي بشكل غير مباشر، وكمواطنة إن جاز التعبير، كوني عشت في سوريا في ظل النظام مدة أربعة عقود متتالية قضيت نصفها في العمل الإعلامي التابع للنظام أو المقرّب منه.
وفي الحقيقة فإن هذه المقاربة تنفتح على آفاق من البوح، تواجه فيه نفسي، علَها تقدِّم لي قدراً، ولو ضئيلاً، من الرضى عما أحسست به أو قلته أو فعلته، مقابل صمت طويل، وتخل غير مسؤول عن مواجهة أحداث جسام مررنا بها على أنّها مُجرَّد تفاصيل، دون أن تعرف أن مجموعها قد شكَّل مشهد الهزيمة الذي أحال الثورة إلى العطالة، ودفع بمتسلقين ليتولوا قيادة حاضر ومستقبل الشعب السوريّ العظيم الذي افتخر بالإنتماء إليه، والذي دفع أثماناً كبيرة جداً، من عمره وعمرانه، ومن معاناته وتضحياته ولشرده للخلاص من نظام فساد وإستبداد، من أجل نيل حريته وإستعادة كرامته في دولة ديمقراطية تحفظ حقوق مواطنيها كأحرارٍ ومتساوين.
