«إن كلَّ مثقَّف عربي، إذا ما وعى حقّ الوعي، الوضعَ الذي يعيشه، هو أيديولوجي عن طواعية وطيب خاطر، وبما هو كذلك، فإنه يسقط بالضرورة تحت نير التاريخ المشترك، ويكون فكره جدليَّاً بالضرورة، وهذا الجدل يكشف له أنّ أُفقه هو التاريخانية، بما هي استعادة واعية وإرادية، لكونها ضرورية، استعادة لفترة تاريخية سبقت معرفتُها، وتحليلُها والحكمُ عليها. هذه التاريخانية ذات المنحى العمليّ تجرُّ مَنْ يعتنقها نحو أخلاق نفعية وفلسفة وضعانية. وهذه قد تؤدِّي إلى عدم الثقة في أيِّ مشروع يرمي إلى استعادة الميتافيزيقا أو تجديد الأنطولوجيا. بهذا المعنى، ستغدو الفلسفة نوعاً من العمل الترفيهي، اللهمَّ إلَّا إن هي أرادت أن تقوم بالدور المتبقِّي لها، أي أن تتحوَّل إلى انتقاد للأيديولوجيا: و«دور منتقد الأيديولوجيا، وهو دور الملاحظة والتقويم، هو أن يعرض المنهجَيْن معاً، ويوضحهما، منهجَ الباحثين الذين يكتفون بالرغبة في فَهْم ما كان (التاريخية أو التاريخانية من الدرجة الأولى)، ومنهجَ رجال العمل الذين قرَّروا التحرُّر من الماضي (التاريخانية من الدرجة الثانية).»
Share message here, إقرأ المزيد
التاريخانية والتحديث : مقاربات في فكر عبدالله العروي





















