لا شك في أن كتاب الكلمة والموضوع (1960) هو العمل المركزي للفلسفة التحليلية في القرن العشرين يعرض فيه كواين بشكل واضح ومثير الأطروحات التي غيرت إرث الوضعية المنطقية وأحدثت ثورة في فلسفة العلم والمنطق واللغة. إن السؤال المحوري للكتاب هو كيف يمكن لكلمة (أو كلمات) أن تحيل على شيء ما، أو أن تُستخدم لاختيار شيء ما. وهو السؤال الذي قاد كواين إلى مناقشة عدد كبير من الإشكالات المعرفية والمنطقية والميتافيزيقية. إن استنتاجات كواين جديدة وعميقة لدرجة أن الفلاسفة ما زالوا، بعد عقود من الزمن، لم يستوعبوها جيدا. وعلى رأسها نجد: - امتناع تحديد النظريات: لا تحدد معطيات التجربة نظرية وحيدة حول الواقع. فالحقيقة متأصلة في الخطاطة المفهومية، وفي لغتنا وفي الكائنات التي "تضعها". وهكذا يضع كواين مسألة الواقعية. - امتناع تحديد الترجمة: هناك العديد من الترجمات، المتكافئة تجريبياً والمتناقضة، من لغة أخرى إلى لغتنا. لأنه يستحيل وضع تكافؤ دلالي بين العبارات، لأن الدلالة أسطورة. وبذلك يمتنع محيص الإحالة لأن المعطى الحسي أسطورة كذلك، ومن ثم يتعلق الأمر بالمواضيع وليس بالأحاسيس. هكذا يدرج كواين الأنثروبولوجيا في فلسفة اللغة مما أثار نقاشا حاسما في الفلسفة التحليلية (لدى كون، وديفيدسون، وبوتنام، ورورتي). - الطبيعانية: لا ينفصل البحث عن الترميز المنطقي عن بنيَنَة الواقع من خلال خطاطتنا المفهومية. يوجد لمنطق "على متن السفينة نفسها"مع العلوم الأخرى. لم تعد توجد، بعد كواين، وجهة نظر ملائكية، ولا فلسفة أولى: لقد أصبح الطريق معبدا أمام النزعة الطبيعانية المعاصرة والعلوم العَرْفَنية.
جعلنا كواين، مثل جميع الفلاسفة العظماء، ننظر إلى القضايا القديمة بطرائق جديدة وجعلنا ندرك المشاكل التي لم نكن نعرف آنها موجودة.
Share message here, إقرأ المزيد
الكلمة والموضوع