يضمّ هذا الكتاب الجماعيّ دراسات محكّمة نظرت في الرّمز اللغويّ من زوايا لسانيّة عدّة (صوتيّة وصرفيّة وإعرابيّة ودلاليّة وبلاغيّة وعرفانيّة وتداوليّة).
فقد عرّجت الدراسة التي أنشأها عبد الرزاق بنور، ومثّلت الفصل الأول من الكتاب، على خصائص الإقتصاد والتعبيريّة فيه وهاتان الظاهرتان متضاربتان تحكمان تطوّر اللغة، بل إنهما من أهمّ أسباب التغيير والتّطوّر اللغوي، فإذا كان يُقصد بالإقتصاد بذل المجهود الأدنى، فإن التعبيريّة تدلّ على بذل جهد إضافيّ في عمليّة إحياء المهترئ ولفت إنتباه السامع.
وعلى الرّغم من تضاربهما الجوهريّ فكلاهما عامل نفسيّ وإن كان عضويين في مستوى التطبيق؛ إذ يتعلّق الأمر أوّلاً وآخراً بالنّطق وبإختيار طرق ربط النّطق بمؤثّراته.
فيما يركّز شمس الدين الرحالي في الفصل الثاني على تتبّع المسار النّشوئيّ المشترك للرّمز اللغويّ والذّهن البشريّ (علاقة الترميز اللغويّ بالعرفان)، ودراسة العلاقات النشوئيّة الممكنة بين الرّمز اللغويّ والعلامات الأخرى (الإشارات والأصوات الحيوانيّة)، والبحث في الأصول البيولوجيّة (المتّصلة بالجسد) والثّقافيّة (المتّصلة بتكيّف الجسد مع البيئة) الّتي أسهمت في تكوين المعرفة الرّمزيّة اللغويّة، وتبيّن وجوه التقاء المعرفة الرّمزيّة بالمعرفة الإعرابيّة لبناء الملكة اللغويّة في معناها الواسع.
ويفحص حمادي زمزم في الفصل الثالث أمر العلاقة بين العلامة والمعنى الّتي مثلّت مدار إختلاف بين مختلف المدارس اللّسانيّة، وبين اللّسانيين والنّحويين والمناطقة والفلاسفة الّذين اعتنوا باللّغة.
ويقدّم صابر الحباشة في الفصل الرابع بحثاً عن الإستعارة في اللغة العربيّة بين العرفانيّ والتداوليّ، مستفيداً من المقاربات التي تجمع بين المقاربتين العرفانيّة والتداوليّة في تحليل الإستعارة ولا سيما الإستعارة البدائيّة، معتمداً الممرّات الدلاليّة التي تتخذ فيها الإستعاراتُ الجسدَ منطلَقاً تعبُرُ منه نحو العالم في مختلف أبعاده المكانيّة والزمانيّة والحدثيّة.
وينظم عبد الرحيم ناجح في الفصل الخامس في الطبيعة الرّمزيّة للنحو من خلال بلورة مقاربة عرفانيّة للمقولة النحويّة، ورصد مفهوم المقولة النحويّة من منظور العرفانيّة، عارضاً للمحمولات الإسميّة والمحمولات العلائقيّة مميّزاً داخل المحمولات العلائقيّة بين المحمولات الزمنيّة والمحمولات اللازمنيّة.
Share message here, إقرأ المزيد
الإشهار والصورة : صورة الإشهار