سؤال الجمال مؤرّق لكل العقول، ولا يعني طرحه في هذا البحث التناول الفلسفي لماهية الجمال كما فعل الفلاسفةالذين أرّقهم هذا السؤال، ولا البحث عن الأسس التى ينبني عليها الجمال، أهي كامنة في تحقيق الإنسجام الهندسي في الشكل؟ أم في التناسب العددي في الصوت والسمع؟ أم أن الجمال متجاوز كل ذلك،بحيث صار قيمة مطلقة عالية تصطف في مصاف القيم العليا كقيم العدل والحق والحرية والخير؟
شهوة السؤال لا تجعلنا نخضع لإغراءات الخوض مثل هذه الإشكاليات الفلسفية المتداولة، بل سنعبر منها إلى ضفة الاهتمام بتحيين سؤال الجمال داخل نسيجنا الثقافي الصوفي، مستحضرين صورا من تجليات الجمال تساعدنا على تبيين وظيفة الجمال، وضوابطه، وإشكالياته في مجتمعنا المعاصر. هذا الجمال الذي صار اليوم من المفاهيم التي يكثر اللجوء إليها لتمرير أخرى مغايرة بإسم الجمال وخاصة في الميدان العمراني والفني والأدبي والصناعي والإعلامي والتكنولوجي، والإشهاري والتربوي، وهي مجالات تمس في الصميم حياتنا اليومية. ولذا علينا التعرف على مقام الإنسان بين الموجودات، باعتباره كائنا مكرّما ومحترمة حياته، لا يجوز ضخ الدجل والتشويه فيها بأي ذريعة من الذرائع البرجماتية المهيمنة راهنا.
Share message here, إقرأ المزيد
الرؤية الصوفية للجمال : منطلقاتها الكونية وأبعادها الوجودية