في هذا الجزء نكون قد ربطنا حلقة الوصل بين الفلسفتين اليونانية والعربية الإسلامية، من خلال نصوص المكان والخلاء التي جلبناها من مؤلفاتهم الرئيسية مع تعليقات ضافية مطولة من قِبَلِنا تبين الغامض من هذه الموضوعات التي شغلت الفلسفة عبر تاريخها وحتى اليوم.
ظهر في هذا الجزء أن الفلاسفة العرب المسلمين من جابر بن حيان حتى الحسن بن الهيثم أنهم على طرائق متعددة في نظرتهم للمكان، منهم من أتخذ طريق المكان أنه سطح ويمثل هذا الرأي جابر بن حيان والكندي والفارابي وإخوان الصفا ومدرسة بغداد الفلسفية ببعض شخوصها ممن وقعت نصوصهم بأيدنا وهم: يحيى بن عدي وأبو علي بن السمح وأبو سليمان المنطقي السجستاني وأبو حيان التوحيدي، ومسكويه، مما نجم عن موقفهم هذا نفي وجود خلاء داخل العالم وخارجه، متابعين في ذلك الموقف الأرسطي الذي عرضنا لنا بالتفصيل في الجزء الأول من موسوعتنا هذه.

في حين ظهر لدينا موقفاً آخر مضاد بالكلية من هذا الموقف ويمثله الفيلسوف الطبيب أبو بكر الرازي، إذ اتخذ تبنى هذا الفيلسوف وجود فراغ في العالم ودافع عنه وقدم أدلة على ذلك، وعدّ المكان ليس بسطح، وقسمه على مكان كلي وهو الخلاء ومكان جزئي وهو البعد للأجسام.

أما الحسن بن الهيثم فقد ألف رسالة متخصصة في المكان دافع فيها من موقف فلسفي علمي تجريبي، ذاهباً إلى أن المكان هو بعد متخيل، راداً بقوة على الموقف الذي يذهب إلى أن المكان هو سطح.