يندرج في إطار سلسلة من المراجعات لعدد من الآراء والأحكام التي تحوّلت في دراسات الكثير من المحدثين إلى ما يشبه "العقيدة النقدية" القائمة على التسليم والتصديق المطلق؛ من بينها الزعم بأن الخطابة العربية كانت على هامش حركة النقد العربي القديم منذ نشأته إلى أطوار نضجه واستقراره، ومنها الجزم بأنّ هذا الجنس من الخطاب البليغ تراجع دوره وحضوره بعد العصر الأموي، وأنّ جوهر الخطابة العربية يختلف عن طبيعة الخطابة اليونانية التي ازدهرت في ظل تطور علم المنطق عند الإغريق، إلى غيرها من الفرضيات والتأويلات التي عمل الباحث على مناقشتها ودحض بعضها بكثير من الأناة والعمق، ثم البناء على كلّ ذلك لتقديم تصوّر شامل عن صناعة الخطابة عند العرب: أصولها النظرية وقواعدها الإجرائية، ولإعادة النظر في تاريخها وحقبه، وفي متنها وحدوده، ولدراسة نماذج واسعة وعيّنات ممثلة لعيون الخطب العربية بطريقة جمعت بين الأبعاد البنيوية والتداولية والحجاجية.