يُعرف تشيخوف بأنه أعظم كاتب قصص قصيرة عرفه العالم، وأبرز المؤثرين على أجيالٍ متعاقبة من كتّاب القصّة في التاريخ الأدبيّ العالميّ. ترك تشيخوف تراثاً لا يُضاهى من النتاج السرديّ المتفرد بلغة مقتصدة، تتجنّب الوعظ وترفض الأحكام المسبقة، حيث لا أبطال خارقون ولا شر مطلق، بل بشر عاديون يعبرون الحياة بتناقضاتها وتفاصيلها. في قصصه، لا نجد حبكة تقليديّة أو تصاعداً دراميّاً، بل لحظة إنسانية متفجّرة بهدوئها، تضيء وجوه الناس في الظل، حتى غدا برهاناً على حرفية الفن حين يتجلّى في واحد من أرفع تمثّلاته. تقدّم "الرافدين"، ولأوّل مرّة باللغة العربية، الأعمال القصصية الكاملة لتشيخوف، كنزاً أدبيّاً غير مسبوق، بجهود فريقٍ من أهم المترجمين العرب، وعن اللغة الروسيّة مباشرةً عبر مشروع استمر لخمس سنوات. يمثّل الجزء الأول بدايات وعي تشيخوف الأدبي والنضج المبكر وسط ظروف قاسية، تنتقلُ عائلته عام 1877 إلى موسكو هرباً من الإفلاس بعد إغلاق متجر والده في تاغانروغ التي بقي فيها لإكمال دراسته الثانويّة. يظهر حسّه بالملاحظة وسخريته من المجتمع وتتشكّل بوادر أسلوبه. 1880، يلتحق بكلية الطب بموسكو ويُصبح معيلاً لعائلته. يبدأ بكتابة مقالات وقصص قصيرة بغرض الربح لا الفن في مجلّات هزلية بأسماء مستعارة. تعتمد كتاباته -وقتها- المفارقة لكنها تمهّد لما تلاها من قفزات. إنها مرحلة العبور من الفتى المعوز إلى الشاب الذي سيغيّر القصة القصيرة إلى الأبد.
Share message here, إقرأ المزيد
تشيخوف : الأعمال القصصية الكاملة