إنفتح الفضاء المعرفي في العقود الأخيرة من القرن الماضي إنفتاحاً معرفياً واسعاً، وقد أثمر هذا الإنفتاح أسساً معرفية حداثية مغايرة، دأبت إلى إعادة إنتاج النظم المعرفية السائدة عبر إيقاع معرفي متنامٍ يسعى إلى تثوير السواكن المعرفية وخلخلة الأسس المعرفية السائدة، وتفكيك مقولاتها وأنساقها، مما أسهم في إنتاج ثقافة حداثية مغايرة أطلق عليها مفكرو الحداثة ثقافة النص، وهي ثقافة اعتمدت التعددية بدل الأحادية، والإمكان والإحتمال بدل الثبات والممارسة، والتجريب بدل الأحكام المعيارية المطلقة، والنسبية عوض الشمول والإطلاق.
وتعتمد الثقافة الإنسانية إعتماداً رئيساً على التواصل، وإن هذا التواصل لا ينجز إلا عبر النصوص، فالإنسان كائن نصي ينتج نصوصاً، يزورها، يتلاعب بها، وتتلاعب به، يشكلها وفق أهدافه الإيديولوجية، يرسلها للتأثير في الآخرين، فالتمظهر الاجتماعي للإنسان لا يتجلى إلا عبر النصوص بدءاً من النصوص الإبداعية في القص والقصيد، مروراً بالنصوص الإعلانية والإجتماعية والسياسية والفلسفية، وإنتهاء بالنصوص السمعية والبصرية، وأن أي تحليل سيميولوجي لأنماط التواصل يوضح بشكل جلي التنوع الفكري داخل المنظومة الثقافية، كما أن هذا التحليل يحيل بصورة ما أو بأخرى إلى تحليل أنساق الثقافة القائمة على أنماط التواصل المتباينة.
وبناءً على ذلك يمكن القول إن ثمة علاقة جدلية قائمة بين النص والثقافة، لأن الأبنية الثقافية لا تظهر إلا عبر النصوص ولا تتجلى إلا بها.
Share message here, إقرأ المزيد
تلقي النص في الخطاب النقدي العربي المعاصر