لا أشك شخصياً في أن هذه الحوارات وباقي النصوص الأخرى لهذا الكتاب، بما فيها القراءة القيمة التي أنجزها الأستاذ محمد الأندلسي عن أعمال ومؤلفات محمد سبيلا، هي إضافات وإضاءات يمكنها أن تشكل متناً لا يقل أهمية عن باقي كتابات ومؤلفات الأستاذ سبيلا الأخرى وإن اتخذت جنساً أدبياً وسردياً لم يحظ بعد في ثقافتنا بما يستحقه من إهتمام وأعني به الكتابة الحوارية، التي من حسناتها أنها تتيح الإقتراب أكثر من محمد سبيلا الإنسان والمفكر والمثقف والسياسي والأستاذ الجامعي والمترجم والعاشق للفلسفة المتيم بالتسكع في دروبها ومدارسها ونظرياتها.
وقبل هذا وذاك الطفل الذي فتح عينيه على المستعمر الذي كان يحتل وطنه فكبر وكبر معه حلم الحرية وتقديسها ورفض كل أشكال سلبها أو منعها أو حجزها، لذا اختار الفلسفة وعقد قرانه بها لأنها شقيقة الحرية وأختها الرضيعة.
كيف امتطى صهوة الحكمة وأمسك بعنانها واختار دراسة الفلسفة وتدريسها وناضل من أجل بقائها؟ كيف اكتسب الوعي القلق بالحداثة وضرورتها ولماذا استأثرت به واسأثر بها، وقام برصد ذكي لما أحدثته من صدمة وأثار في الوعي العربي؟ وكيف قارب علاقتها بالتراث برؤية نقدية؟ كيف اختار الإنحياز للثقافة دون أن ينعزل أو ينفصل عن أسئلة السياسة وحبائلها؟...
هذه بعض من أسئلة أخرى كثيرة تسعى هذه الصفحات والحوارات الإجابة عنها وتفتح لنا بذلك نافذة على أعمال الأستاذ محمد سبيلا وجوانب من شخصيته ومساره الفكري مما يتيح رسم صورة للمثقف العربي الحداثي الملتزم في مختلف سياقاته، فهي حفريات في المسار الفكري وفي ذاكرة مثقف حداثي.
Share message here, إقرأ المزيد
مسار مثقف حداثي : حوار مع محمد سبيلا في الثقافة والسياسة