ان مصطلح »المسألة الشرقية« تعبيراً »كولونيالياً« ينطق بلسان حال الدول الاستعمارية الكبرى كيف تتقاسم وتوزع تركة الدولة العثمانية في الشرق(. أما الشرق - أوسطية، الآن، فهو مشروع لإعادة تشكيل ما خلفته مخرجات المسألة الشرقية من جهة، وما حملته مرحلة ما بعد يالطا الثنائية القطبية من وضعيات استدخلت في مسار تكونها، مشاكل الحدود والإثنيات وصراعاتها، والطائفيات والأقليات والفروقات الطبقية والهجرة، وبقايا عقلية العلاقة الملتبسة بين مستعمر بكسر العين ومستعمر بفتح العين ورهانات الحماية الأجنبية والاستقواء بالخارج.
كل هذا، شكل أوعية تداخل بين ما كان يسمى موضوعات مسألة شرقية، وما يسمى الآن موضوعات الشرق - أوسطية.
وإذ يصف بعض دعاة الشرق - أوسطية، الشرق الأوسط بالفوضى يضيفون إليها صفة الخلاقة وهي الصفة التي ستنتج عن تدخلهم واختراقهم المسارات التعبير عن تلك الفوضى، وتوجيههم لها. إنها تعابير ترصد هنا أو هناك حرب أهلية، عدوان إسرائيلي، مقاومة، انتفاضات أو ثورات..( إنها أشكال من الفوضى - في رأيهم - ترصد هنا وهناك، أي في بؤر من أمكنة تقع شرقاً يسمونها شرق أوسط«. لكن اللافت و »المعتمد« أن إسرائيل في هذا الشرق الأوسط هي المكلفة الرئيسة في تشكيل هذا الشرق الأوسط الجديد، وكما سنقرأ معالم هذا التكليف في القسم الثالث من هذا الكتاب ولا سيما عبر قراءة كتابين معتبرين كتاب نتنياهو مكان تحت الشمس وكتاب بيريز الشرق الأوسط الجديد وكلاهما صدرا في عام ۱۹۹۳. هذا ناهيك عما تؤشر له حرب إسرائيل الجارية اليوم والتي بدأت بتدمير غزة وإعادة احتلال الضفة، والاستيلاء على أراض في جنوبي سورية ولبنان، والإبادة والتهجير القسري، وما يعد من مشاريع معلنة وغير معلنة فهل نحن حيال تحوّل تاريخي عنوانه من أحوال المسألة الشرقية إلى أهوال الشرق أوسطية؟
Share message here, إقرأ المزيد
من أحوال المسألة الشرقية إلى أهوال الشرق-أوسطي



