لماذا يكتب فيلسوف الوجودية بلا منازع عن لصّ ومنبوذٍ وكاتبّ متمرد؟ في هذا العمل الفريد، ينقّب جان بول سارتر في روح جان جنيه، ذاك الخارج عن القانون الذي حوّل حياته إلى مسرح للتمرّد والجمال. ليس جنيه قديسًا بالمعنى التقليدي، بل قديس النقيض، الذي صاغ قداسته من الخطايا، ومجده من الخزي، وشهادته من السخرية والتمرد. اختاره سارتر لأنه المثال الأقصى على قدرة الإنسان في أن يُعيد تشكيل مصيره – لا بالندم، بل بالخلق. هنا، لا يبحث سارتر عن سيرة رجل، بل عن ولادة كاتب من رماد العزلة والرفض، عن فكر يُبنى في الهامش، وعن كرامة تُنتزع من حضيض الانكسار. في جنيه، يرى سارتر تجلّيًا حرًّا للوعي وهو يختار الشر لا استسلامًا، بل لغةً للتمرّد ضد عالم زائف. القديس جنيه ليس كتابًا عن الأدب أو الفلسفة فحسب، بل عن الإنسان حين يصوغ ذاته من جديد، خارج دوائر العقاب والتوبة، وفي قلب الجحيم، يبتكر فردوسه الخاص.
Share message here, إقرأ المزيد
القديس جينيه : الكوميدي والشهيد