أمَّا أنا، فاللاجئ الباقي في رام الله. بداية شباب مثيرة، لم أعرف شخصاً مثلي. فتى لم يبلغ العشرين ظلَّ وحيداً في رام الله عشيَّة النكسة. كم تبدو الحياة واسعة لولا صوت هذا الإسرائيليّ الذي يمنع التجوُّل كلّ يوم. كانت فيَّ فورة طلَّاب المدارس الثانويّة، وكان فيّ جوع لكلِّ شيء، في صباحات بعينها كنتُ أشعر أنّني سأخرج من الباب، وأبدا في التهام العالم، البيوت والطُّرُقات والشجر والغيوم، والبشر، النساء تحديداً. ولم يضبطني شيء إلَّا الحاجة إلى المال حتَّى أعيش بعد أن تركني أهلي، وذاك الصوت المعلِن منع التجوُّل ليلاً. أحياناً وأنا أفكِّر في كهولتي هذه بتلك الأيَّام الشابَّة، أعتقد أن منع التجوُّل الإسرائيليّ الذي عرفَتهُ رام الله في مراحل عديدة، ترك فيها طبعاً كسولاً، تنام مبكرة وتصحو متأخِّرة. والمدينة التي تنام مبكرة وتصحو متأخِّرة، أهمّ ما يحدث فيها، يحدث في البيوت.
Share message here, إقرأ المزيد
يحدث في البيوت