دكتور بريوير،
يجب أن أراك لمناقشة مسألة بالغة الأهمية وعاجلة. إن مستقبل الفلسفة الألمانية على المحك. أرجو أن ألتقي بك في الساعة التاسعة من صباح الغد في مقهى سورينتو.- لو سالومي
يالها من رسالة وقحة! فلم يسبق لأحد أن خاطبه بهذه الصفاقة. وهو لا يعرف أحداً باسم لو سالومي. لا يوجد عنوان على المغلف. لا توجد لديه وسيلة لإخبار مرسل هذه الرسالة بأن الساعة التاسعة ليست مناسبة، وأن السيدة بريوير لن تكون سعيدة لتناول الفطور وحدها، وأن الدكتور بريوير يمضي حالياً إجازته، وأنه لا يبدى أي اهتمام "بالمسائل البالغة الأهمية" - فقد جاء الدكتور بريوير إلى فينيسيا للابتعاد عن المسائل العاجلة تلك.
هي ليست رواية فلسفية، ولا تتناول فلسفة نيتشه، هي تتناول نيتشه نفسه، دواخله وشعوره وحالة اليأس والاكتئاب التي لازمته في إحدى الأوقات بسبب رفض لو سالومي الزواج منه.
في هذه الرواية يبني الكاتب الأحداث الرئيسية على الخيال حسب المعلومات الحقيقية عن جوزيف بريوير ونيتشه ولو سالومي وفرويد وبارثيا بانهيم، فكلهم شخصيات حقيقية، لكن الإطار التي تقوم عليه الرواية إطار تخيلي.
قدرة عظيمة هي أن يجعل الكاتب الخيال والواقع يتماهيا حتى يفقدا الحد الفاصل بينهما.
تبدأ الأحداث مع إرسال لو سالومي رسالة للدكتور النفسي جوزيف بريوير تخبره فيها أنها تريد مقابلته لأن مستقبل الفلسفة على، وتطلب منه عند مقابلته علاج نيتشه من اليأس.
يتقابل نيتشه وبريوير في فيينا حيث يحاول بريوير معالجته لكن الأمر سينقلب مع الوقت، سيكتشف الاثنان بأنهما مريضان، وسيساعد أحدهما الآخر على الولوج إلى دواخلهم واستعادة نفسهم من براثن اليأس.
أكثر ما يميز هذه الرواية هو رسم الكاتب بشكل عظيم لدواخل نيتشه واستنباط شعوره وردود أفعاله من فلسفته، فالكاتب قرأ وفهم نيتشه بشكل كبير، ولهذا تميز في رسمه. واختيار عظيم لاسم الرواية، فقارئ نيتشه والمعتاد على نبرته الحادة القوية لا يمكنه تخيله يبكي! لكن خلف هذه القوة وفي طبقات أخرى من الوعى، يكمن الجانب الإنساني الذي ركز عليه كاتب هذه الرواية لإخراج هذه الرواية العظيمة.
