شرع ماكيافيللي في تأليف كتابه (الأمير) إبان فترة اعتزاله بعد حياة حافلة بالحركة والأحداث السياسية الكبرى، ومراس طويل في الكتابة الدبلوماسية والسياسية، وفي الدراسات والتقارير الميدانية الدقيقة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار هذه الخلفية فإننا لن نجد صعوبة في الاتفاق مع المفكر والناقد كلود لوفور، الذي اعتبر كتاب (الأمير) خلاصة "تجربة فكر عظيم"، "وثمرة اشتغال طويل على فن التعبير"، وهو ما يعني أن مدة تأليف الكتاب، التي لا تتعدى بضعة شهور، لا تعكس الزمن الحقيقي الذي كرسه الكاتب لتجميع نصوص الكتاب وانتقائها وصوغها وتبيان "تنوع مادته ودقة موضوعه"، بل يجدر بنا أن نقيس زمن التأليف بمدى عمق المعرفة والخبرة، التي حصلها عن طريق تجربة طويلة في الشؤون المعاصرة وقراءة متمحصة لتجارب الأزمنة القديمة.
وهذا الطرح يعزز رأي ناقد أنجلوساكسوني هو (سيدني أنجلو)، الذي يعتبر "أن فكرة كتابة هذا العمل لم تكن محض صدفة بالنسبة إلى ماكيافيللي، فسنوات نشاطه الدبلوماسي، وملاحظاته الدقيقة لسياسة القوة السائدة في عصره، وانخراطه في التنظيم العسكري، وكذا سقوط حكومة مدينته التي وهبها كل حياته، عوامل تضافرت جميعها لتساهم في صناعة هذا الكتاب".
Share message here, إقرأ المزيد
الأمير