جمعتُ كل طاقتي في قدميّ وأطلقت ساقيّ للريح، أركض تارة وأزحف على صدري طوراً، والأرض في طريقي مفروشة بجثامين الشهداء الّذين اضطررت مراراً إلى أن أمرّ من فوقهم.
في إحدى المرّات، عندما نهضتُ عن الأرض، وهممتُ بالإنطلاق بسرعة، سمعتُ أحدهم يناديني "مهدي! مهدي!" اتّجهتُ نحو الصوت لأجد صاحبه غارقاً في دمه من رأسه إلى أخمص قدميه.
فما استطعتُ التعرّف إليه، كان جسده كله ملفوفاً بضمادات ملطّخة بالدم، قال بأنفاس متقطّعة: "مهدي! لمَ تركض بهذا الشكل؟ خفّف جملك! لا تبقى إلاّ خوذتك... يجب ألاّ تقع في الأَسر!".
لم أنتظر نهاية كلامه، نهضتُ في الحال وفككتُ شريط الذخيرة ووضعتُ حقيبتي أرضاً، أكمل قائلاً: "أنت صغير السنّ، يستطيعون استغلالك إعلامياص، يجب أن تهرب بأيّ طريقة ممكنة".