هذا الكتاب هو تجاوب واقعي لمشكلة موجودة، والمشكلة ليست فقر الدم المنجلي أو أمراض الدم الوراثية تحديداً وإنما المشكلة هي الفراغ المعرفي بخصوص هذه الأمراض والخلط الذي نشأ نتيجة لعدم وجود برنامج فحص منتظم عن هذه الأمراض مبني على آخر ما توصلت إليه خبرة الآخرين. فالمرض من جانبه...
هذا الكتاب هو تجاوب واقعي لمشكلة موجودة، والمشكلة ليست فقر الدم المنجلي أو أمراض الدم الوراثية تحديداً وإنما المشكلة هي الفراغ المعرفي بخصوص هذه الأمراض والخلط الذي نشأ نتيجة لعدم وجود برنامج فحص منتظم عن هذه الأمراض مبني على آخر ما توصلت إليه خبرة الآخرين. فالمرض من جانبه المعرفي جديد حتى وإن عانى الكثير من أفراد المجتمع منه منذ فترات قديمة إذ بدأ تشخيص المرض في منطقتنا مع نهاية العقد السادس من القرن الماضي وبالتحديد ابتداءً من عام 1958. وإن تكن السنوات الأربعين الماضية كافية لتأصيل نوع من ردود الفعل المدروسة لمواجهة المرض إلا أن عدم كفاية وكفاءة الخدمات الصحية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي أسهما بشكل كبير في نشر نوع من الخلط بين الأمراض الوراثية ساهمت بدورها في تأخير أي نوع من الفعل الموحد على مستوى المجتمع بحيث لا توجد طريقة موحدة للتعامل مع المرض سواء بين أفراد المجتمع أو بين أفراد الخدمات الصحية أنفسهم أضف إلى ذلك اقتصار ردود الفعل على النواحي الإكلينيكية البحتة مع أن أصول مكافحة المرض بل وأصول التعامل مع المرض في حد ذاته هي في المجتمع وفي النواحي الوقائية. وكان من الطبيعي أن يكون هاجسنا دائماً -كأطباء بشكل عام ومختصين في طب العائلة والمجتمع والأطفال- هو إلى أية درجة تتوفر المعرفة الصحيحة والعملية عن مرض فقر الدم المنجلي بشكل خاص وأمراض الدم الوراثية بشكل عام؟ وكان أن قمنا بعمل أكثر من لقاء في أكثر من موقع مع الناس على شكل محاضرات أو ندوات وفوجئنا بالكم الهائل من الأسئلة الموجهة إلينا بحيث لم تكن الفترات المخصصة لتلك المحاضرات أو الندوات كافية للرد عليها مع أهميتها، ما دفعنا إلى جمع كل تلك الأسئلة -سواء ما تمت الإجابة عليها أو ما لم يسمح الوقت للإجابة عليها- ومحاولة الإجابة عليها في الكتاب الذي بين أيديكم. وأضفنا إلى ذلك كما كبيراً من الأسئلة الموجهة من قبل طالبات وطلاب المدارس المتوسطة والثانوية من خلال برامج التثقيف الصحي التي نقوم بها في المدارس المتوسطة والثانوية بمحافظة القطيف. وعلى هذا فإن الأسئلة تعبر عن وجود نوع من الفراغ المعرفي الذي يجب أن نسعى إلى ملئه. وما هذا الكتاب إلا خطوة بسيطة في هذا الاتجاه، ولا يفوتنا هنا التنويه بالجهود التي قام بها الكثير من الزملاء المهتمين عن طريق إصدارهم لكتيبات تثقيفية عن أمراض الدم الوراثية. إلا أننا في هذا الكتاب نحاول أن نتوجه إلى مختلف شرائح المجتمع وهدفنا أن يجد فيه كل شخص مهما كانت خلفيته الثقافية والتعليمية ضالته فعمدنا إلى أن نعمل تلخيصاً لكل باب يستطيع القارئ أن يحصل منه على معلومات مبسطة وسريعة عن مضمون ذلك الباب كما عمدنا إلى أن يشمل الكتاب الكثير من الرسوم التوضيحية. والكتاب في عمومه شرح تفصيلي بلغة تقنية مبسطة مفصلة للفرد الذي يحرص على الإلمام بمجمل المشكلة. وقد تبدو بعض الأسئلة في غاية البساطة والعفوية بل والسذاجة لكنها تعبر عن الحاجة إلى المعرفة فيما يخص كل جوانب المشكلة بدورنا حاولنا قدر الإمكان المحافظة على الأسئلة بنفس الصيغة التي طرحت أصلاً مع بعض التعديل فيها إن اقتضى الأمر ذلك كما حرصنا أن تكون إجاباتنا بسيطة وإن اقتضى الأمر الأولى إلى الصفحة الأخيرة وإنما يقتصر على قراءة الإجابة على سؤال محدد وقد لا تتوفر لديه الرغبة أو الوقت للرجوع إلى إجابة جزئية في جزء آخر من الكتاب. غير أننا حاولنا قدر الإمكان أن يكون هناك نوع من المرجعية المتقاطعة تسهيلاً على القارئ لو رغب في ذلك.