-
/ عربي / USD
يُعَدُّ اليورانيوم من العناصر الخطيرة التي شغلت البشرية جمعاء، فقد كثر الحديث عنه عند ذوي الاختصاص، وعُني به في وسائل الإعلام بعد حرب الخليج الثانية سنة 1991، وحروب البلقان سنة 1995و 1999، وغزو العراق واحتلاله سنة 2003. وما رافق هذه الحروب من استخدام لذخيرة اليورانيوم المنضَّب. ومن اللافت إن الاهتمام بقضية اليورانيوم المنضَّب قد تزايد في السنوات الأخيرة؛ لذا حتّمت الحاجة الماسة أن تدرك شعوب المنطقة وفي مقدمتهم الشعب العراقي مخاطر هذا العنصر، وطبيعته، وأماكن تواجده، وطرق التعامل الآمن معه، فضلاً عن امتداد آثاره السلبية لسنوات بعيدة الأمد.
اليورانيوم المنضَّب مادة سامة ومشعة، وهو ناتج عرضي عن عمليات تخصيب اليورانيوم، ويعد نفايات نووية تسبب مشاكل بيئية خطيرة، له خواص اليورانيوم الطبيعي نفسها إلا أنه يحتوي على 60٪ من إشعاع اليورانيوم الطبيعي أي أن الإشعاع الصادر عنه يقل بنسبة 40% من مستوى الإشعاع الصادر من خام اليورانيوم في صورته الطبيعية ، ويتكون من ثلاثة نظائر من اليورانيوم هي يورانيوم 234-، يورانيوم 235- ويورانيوم 238-، إلا أن نسب يورانيوم 234-، ويورانيوم 235- في اليورانيوم المنضَّب هي أقل من مثيلاتها في اليورانيوم الطبيعي، عمره النصفي هو 4.5 مليار سنة. ينفرد اليورانيوم المنضَّب بكثافته العالية والبالغة 19.1 غرام \سنتيمتر مكعب أي أنه أثقل من الماء 19 مرة تقريبا ومن الرصاص 1.7 مرة، وتساوي تقريباً كثافة التنجستين والذهب.
لقد تعرض الإنسان في هذه الدول، وبيئته الطبيعية، وكائناتها الحية إلى خطر التلوث الإشعاعي باليورانيوم المنضَّب، إذ تسبب في تغييرات جسيمة على المستويين الإنساني والبيئي، لا سيما في العراق وتحديداً في قسمه الجنوبي، وهو الأمر الذي أبرزته الوقائع الصحية، والدراسات الميدانية الرصينة بعد عام1991، فضلاً عن الوثائق التي قدمتها المشافي العالمية والعربية والمحلية ، التي أثبتت إصابات حقيقية بأمراض السرطان، وعرضت تشوهات خلقية وأمراض أخرى مستجدة ليس لها اسم سابق في منظمة الصحة العالمية، وهي كارثة صحية وبيئية تعد الأخطر في التاريخ الحديث.
ونرى أنها تفوق فاجعتي هيروشيما وناجا زاكي. فقد بلغت كمية الأعتدة المصنعة من اليورانيوم المنضَّب التي ألقتها القوات الأمريكية والبريطانية وحلفاؤهما على العراق في حرب الخليج الثانية عام 1991 ما بين 350 800-طناً، كما تقدر الأعتدة الملقاة على أرض العراق أثناء غزوه واحتلاله عام 2003 بـ 1100 -1200 طناً. وهذا وفقاً لما قدره البرفسور ياغازاكي. كما وألقت القوات الأمريكية 31 ألف قذيفة يورانيوم منضَّب أثناء حرب كوسوفا مطلع عام 1999، وعشرة آلاف قذيفة أثناء حرب البوسنة عامي 1994، 1995.وهو أمر يدعو إلى الحزن والتذمر والاستياء، مثلما يدعو إلى الاستنفار والحذر من هذا الخطر الجسيم، إذ إن استعمال سلاح اليورانيوم المنضَّب المحرم دولياً يعد جريمة لا تغتفر بحق الإنسانية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد