لا تكمن أهمية هذا الكتاب في كون صاحبه نحوياً وصرفياً مبرّزاً فحسب، بل لأنه أيضاً أقدم الشروح التي وصلت إلينا، وأغناها مادة، وأعمقها فكراً ومناقشة للقضايا النحوية والصرفية.وهو إلى ذلك يوشح كتابه ببعض المسائل الخلافية، فيعرضها في إيجاز غير مخلّ، ويبين معاني الأدوات النحوية...
لا تكمن أهمية هذا الكتاب في كون صاحبه نحوياً وصرفياً مبرّزاً فحسب، بل لأنه أيضاً أقدم الشروح التي وصلت إلينا، وأغناها مادة، وأعمقها فكراً ومناقشة للقضايا النحوية والصرفية. وهو إلى ذلك يوشح كتابه ببعض المسائل الخلافية، فيعرضها في إيجاز غير مخلّ، ويبين معاني الأدوات النحوية ما أحوجه المعنى إلى ذلك، كما حظي الصرف بحيّز وافر من كتابه، إذ عني بوزن الأسماء وبيان أصول اشتقاقها، وساق المسائل الصرفية في ثنايا كتابه، ولم يخل كتابه من إلماعات بلاغية وعروضية، وتابعه في كثير من المسائل من جاء بعده كالمرزوقي والتبريزي والأعلم وابن مرقد، فنقلوا عنه كثيراً من القضايا النحوية والصرفية والإشتقاقية بإيجاز، وذكروا اشتقاق أسماء الشعراء، وساقوا الأخبار، وفسروا الغريب، وعنوا بالإعراب الذي يخدم المعنى وذكروا ما اختلف فيه العلماء، كما عنوا بمعاني الشعر، والنقد، والموازنة، واللغة، والعروض، والبلاغة، والإشتقاق، والنحو، والتصريف. على أنّ إنصراف ابن جني إلى النحو والصرف كان أكبر وأعمق، ووجدت في دراسة القضايا النحوية والصرفية في هذه الشروح فائدة جمّة ومتعة عظيمة على ما فيها من مشقة وما تحتاج إليه من جهد.