-
/ عربي / USD
لعلم الطب تاريخُه مثلما لكـل الناس تاريخهم، ومن البدهي أنـه لا يمكن أن يُفهم حاضر الناس إلا بعـد الوقوف على معرفـة ماضيهم، وكذلك الأمم، فليس بمقدور أحد أن يفهمها في حاضرها إلا بقدر ما لديه من معرفة ماضيها، والوقوفُ على حاضر الطب يتوجب على رواده أن يطلعوا على ماضيه.
ولا شك في إن إقرار المعنيين بأهمية تاريخ الطب ـ عموماً ـ يكون قد وضعهم قصاد تاريخ الطب العربي بصورة خاصة. فلا جدال في أهمية الدور الكبير الذي لعبه العرب في تاريخ الطب، فبطلوع شمس الإسلام على ربوع جزيرة العرب، وانطلاقِ قاطنيها من الظلام الحندس إلى النور، ولدت ونشـأت الحضـارة الإسلامية التي بنيـت على أسس الحضارات القديمة التي عفا عليها الزمن، فأعادت الحضارةُ العربية الإسلامية الحياة في العلوم المندثرة تلك، ورعتها وحفظتها كي تكون تراثاً لجميـع بني البشر عبر التاريخ.
والجدير بالذكر أن الحضارة العربية الإسلامية لم تتوقف عند حد الاقتباس من تلك الحضارات، وإنما تفنـنت في دور الإبداع، فصـنف العلماء العرب الكتب الجليلة القدر، والعظيمة النفع التي احتوت على تجاربهم، وأتتِ بالعديد من مكتشفاتهم ذاتِ الأهمية الكبيرة في الأمراض والعلاجات، وقد قاموا بتطوير العناية بالمرضى، كما أبدوا اهتماما كبيراً بالصحة العامة، فبادروا إلى فتح المستشفيات، وإنشاء المدارس الطبية.
ولما كان قد ورد الكثير من المشتغلين بعلم الطب، والراغبين في مباحث أصوله ـ وفيهم جماعة من كبار أهل هذه الصناعة، وذوي النظر فيه والبراعة، فمنهم من تواترت الأخبار بفضلهم، وشهدت لهم مصنفاتهم، وأشارت إليـهم مؤلفاتهم، أقدمتُ على اختيار موضوع الدراسـة تاريخ حياة أسـرة بني زهر وجهـودها العلمية، تلك الأسرة العربية الإسلامية العريقة التي أنجبت عدداً كبيراً من الأطباء المشهورين خلال ستة أجيال متتابعة، اشتغل أبناؤها، ونبغوا في الطب والفلسـفة، والأدب والشعر، والسياسة والفقه، تلك التي يتصل نسـبها بإياد بن معد بن عدنان، وكُنِّـي أفرادها جمـيعاً بـ: (ابن زهر)، وقدمت ستة من الأطباء والطبيبات، وهم على التوالي:
1 ـ أبـو بكـر محمـد بن مروان بن زهـر (المتـوفى سنة 422ﻫ/ 1020م).
2 ـ ابنه أبو مروان عبد الملك بن محمد (المتوفى سنة 471ﻫ/ 1087م).
3 ـ أبو العلاء بن عبد الملك (المتوفى سنة 525ﻫ/ 1130م).
4 ـ أبو مروان عبـد الملك بن أبـي العلاء (المتوفى سنة 557ﻫ/ 1161م).
5 ـ أبو بكر محمد بن عبد الملك (الحفيد) (المتوفى سنة 595ﻫ/ 1198م).
6 ـ أبو محمد عبدالله بن الحفيد (المتوفى سنة 602ﻫ/ 1205م).
أما الزوايا التي تناولتـها في دراسة أسرة بني زهر الأندلسية الطبية منها، فبالإمكان تلخيصها بالآتي:
أولاً: حال الطـب في إسبانيا قبيل الفتح العربي الإسلامي، وفي الأندلس بعد الفتح.
ثانياً: أشـهر أطباء الأندلس الذين سبقوا أسرة بني زهر، وتأثرت بهم، والذين عاصروها، وتأثرت وأثرت بهم.
ثالثاً: أسرة بني زهر: أصلها، ومن أين أتت، وأين استقرت، وبم اشتهرت، وأبرز أفرادها بصورة مفصلة، وجهودهم العلمية.
رابعاً: دراسـة أفراد أسـرة بني زهر السـتة: حياتهم، وجهـودهم العلمية، مع دراسة الطبيبة (أم عمرو) أخت الحفيد وابنتها.
خامساً: عرض النقاط والملاحظات التي اكتشفت ما يكتنفها من غموض، وهي بحاجة ملحة للبحث عنها، وإماطة اللثام عن وجهها
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد